الحمد لله الذي علم الإنسان بالقلم، وعلمه ما لم يعلمن والصلاة والسلام على رسولهمحمد الذي كان خير معلم ومؤدب لخير أمة أخرجت للناسوبعد.....
فسوف نتحدث فيهذا البحث البسيط المتواضع عن نوع من أنواع البيوع المنهي عنها في الإسلام آلا وهو
....الربـــــــــا...
وقد كتبت هذا الموضوع بالذات باعتباره أحد البيوع النهي عنها فيالإسلام ولما له أهمية كبرى في حياة الفرد والمجتمع ولكي يعرف الناس هذا البيعالمنهي عنه ويبتعدوا عنه لما يترتب عليه من أضرار عظيمة على الفرد والمجتمع.
أولا : تعريف الربا:-
الربا يعتبرأحد البيوع المنهي عنها قطعا.
*الربا في اللغة :
الزيادة ، قال تعالى((..فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت ...)) أي زادة ونمتوقال سبحانه((..أن تكون أمة هي أربى من أمة..)) أي أكثر عدداً.
يقال : ((..أربى فلانعلى فلان..)) أي زاد علية.
*الربا في الشرع :
الزيادة في أشياء مخصوصة ( وهذا ماعّرفه الحنابلة.(
- وقيل هو فضل مال بلا عوض في معاوضةمال بمال . ويقصد به فضل مال ولو حكما .(وهذا التعريف عند الحنفية).
فالتعريف يشمل ربا النسيئة والبيوع الفاسدة، باعتبار أن الاجل في أحدالعوضين فضل حكمي بلا عوض مادي محسوس والأجل يبذل بسببه عادة عوض زائد.
فالربا:إذا هو الزيادة في الأموال الربوية على خلاف مقتضى الشرع.
ثانيا :حكمه وأدلة تحريمه:-
حكمه : يعتبر الربا محرم في جميعالأديان السماوية ومحظور في اليهودية والمسيحية والإسلام .
أ-الأدلةمن القرآن الكريم :
فقد رد عليهم القرآن الكريم في أكثر من موضع فيكتابه العزيز:
1 - قال سبحانه وتعالى ((.. وأخذهم الربا وقد نهوا عنه ..)) ( النساء: 161(
- 2 وقال أيضاً :
((..وأحل الله البيعوحرم الربا..)) ( البقرة: 275(
3- وقال عز وجل :
((... وماءاتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله ...)) (الروم:39)
4- وقال في كتابه العزيز :
((..يا أيها الذين أمنوا لاتأكلوا الربا أضعافا مضاعفه ..)) (آل عمران:130)
- 5 وقال عز منقائل (..يا أيها الذين ء امنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتممؤمنين )) (( البقرة :278)
ب - من السنة النبوية:-
1- روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن الرسول اللهصلى الله علية وسلم قال:
))اجتنبوا السبع الموبقات)) قالوا : وما هن يارسول الله؟
قال)) الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلابالحق ، وأكل الربا،
وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصناتالغافلات المؤمنات((.
-2 وعن جابر بن عبدا لله أن رسول الله صلى اللهعلية وسلم قال:
)) لعن الله أكل الربا، و مؤكلة ، وشاهد ية ، وكاتبه((
-3 وروى الدار قطني عن عبد الله بن حنظله أن النبي صلى الله عليةوسلم
قال: (( لدرهم ربا أشد عند الله تعالى من ست وثلاثين زنيه فيالخطيئة((
-4 وقال صلى الله عليه وسلم: (( الربا تسعة وتسعون باباأدناها كأن يأتي الرجل
بأمه((.
ثالثاً: أقسام الربا:-
الربا قسمان:
-1ربا النسيئة 2- ربا الفضل .
اولأً : ربا النسيئة : هو الزيادة المشروطة التي يأخذهاالدائن من المدين نظير التأجير.
وهذا محّرم بالكتاب والسنة والإجماع .
فقد روى أبو سعيد الخدر ي أن النبي صلى الله علية وسلم قال:
((لاتبيعوا الدرهم بدرهمين فإني أخاف عليكم الرماء)) أي الربا
فنهى الحديثعن ربا الفضل لما يخشاه عليهم من ربا النسيئة .
فالحديث نص على تحريمالربا في ستة أعيان:
وهي )) الذهب والفضة والقمح والشعير والتمر والملح ))
ثانيا: ربا الفضل : وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام معالزيادة .
وهو محّرم بالسنة والإجماع لأنه ذريعة إلى الربا النسيئة .
فعنأبي سعيد الخدر ي قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم :
((الذهببالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والملح بالملح مثلا بمثل يداً بيد ، فمن زادأو استزاد فقد أربى . الأخذ والمعطي سواء))
رواه أحمد والبخاري
رابعاً: علة تحريم الربا:-
كما سبق في تعريف الربا على أنه هو:-
الزيادةفي الأموال الربوية على خلاف مقتضى الشر ع فالأموال الر بوية هي:
((الذهبوالفضة والقمح والشعير والتمر والملح))
فهذه الأعيان الستة التي خصتبالذكر تنتظم بها الأشياء الأساسية
التي يحتاج الناس إليها والتي لا غنىلهم عنها
*فالذهب والفضة هما العنصران الأساسيان للنقود التي تضبطبها المعاملةوالمبادلة فهما معيار الأساسيان للنقود التي تنضبط بهاالمعادلة والمبادلة فهمامعيار الائتمان الذي يرجع -أما بقية الأعيانالأربعة فهي عناصر الأغذية وأصول القوت الذي به قوام الحياة . فإذا جرى الربا في هذة الأشياء كان ضارا بالناس ومقتضيا إلىالفساد فيالمعاملة فمنع الشارع منه رحمة بالناس ورعاية لمصالحه
خامسا:إن الربا محرم في جميع الحكمة في تحريم الربا:-
حيث الأديان السماوية ،والسبب في تحريمه ما فيه من ضرر عظيم ومن بين
هذه الأسباب :-
*أنه يسبب العداوة بين الأفراد : فيقضي على روحالتعاون بينهم والأديان
*كلها تدعوا إلى التعاون والإيثار وتبغض الأثرةوالأنانية و استغلال جهد الآخرين.
*يؤدي إلى خلق طبقة مترفة لا تعملشيئا : فيؤدي إلى تضخيم الأموال في
أيديها دون جهد مبذول فتكون كالنباتاتالطفيلية تنمو على حساب غيرها
* والإسلام يحث على العمل ويمجدهويجعله أفضل وسيلة من وسائل ال**ب.
* وسيلة الاستعمار: ولذلك قيل أنالاستعمار يسير وراء تاجر أو قسيس.
فالإسلام بعد هذا يدعوا إلى أن يقرضالإنسان أخاه قرضا حسنا : إذا احتاج
إلى المال ويثيب عليه أعظم مثوبة .. حيث قال عز وجل :
)) وما ء أتيتم من الربا ليربوا في أموال الناس فلايربوا عند الله وما ء أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون )) (( الروم: 39((
سادسا: أثار الربا:-
فكما عرفت أنالربا محرم شرعيا وقد ذكرت فيما سبق الأدلة على تحريمه سوءا أكان من القرآنالكريم أم من السنة النبوية أم من الإجماع ..
كذلك هناك أثار سيئة فيتعاطي الربا :
ومن هذه الآثار :
* أن الله سبحانه وتعالى يمحق الرباولا يبقى عليه ولا يبارك فيه.
لقوله تعالى (( يمحق الله الربا))
* الطرد من رحمة الله تعالى ففي الحديث الشريف :-
))لعن رسولالله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه ))وقال هم سواء أياللعن والطرد.
* أن أكل الربا يقوم يوم القيامة مجنونا كمن أصابه الشيطانبجنون ..
لقوله تعالى (( الذين يأكلون الربا لا يقومون ألا كمايقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ((.
ثامنا : أسلوب القرآن في تحريمالربا:-
*الصيغة الطلبية :
أ- صيغة النهي :الفعل المضارع المسبوقبلا الناهية
قال تعالى ((.. لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ...))
ب- صيغة الأمر : الدال على طلب الكف عن العمل .
قال تعالى )).. يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا .((
*لفظ:-حرم - لا يحل - لا يرضى قال تعالى((.. أحل الله البيع وحرم الربا .((
*ذكر الفعل المطلوب تركه مقرونا بالوعيد على فعلة ، قال تعالى )) الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان منالمسّ.((
تاسعا : مذاهب الفقهاء في علة الربا:-
حيث أتفقالفقهاء على تحريم ربا الفضل في ستة أصناف منصوص عليها :
الذهب والفضةوالشعير والتمر والقمح والملح .
فيحرم التفاضل فيها مع إتحاد الجنس،واختلفوا فيما عداها وذهبوا إلى خمسة طوائف -:
- الطائفة الأولى :قصرت التحريم عليها ، وهم الظاهرية
- الطائفة الثانية : حرمته في كلمكيل أو موزون بجنسه، وهذا مذهب أحمد في ظاهر مذهبه وأبي حنيفة.
- الطائفة الثالثة :خصّه بالنقد ين أو بالطعام وإن لم يكن مكيلا ولا موزونا ، وهذاقول الشافعي ، ورواية عن الإمام أحمد.والطعام عندهم : كل ما يؤخذ اقتياتا أوتفكها أو تداويا .
- الطائفة الرابعة : خصته بالطعام إذا كان مكيلا أوموزونا ، وهذا قول سعيد بن المسيب ورواية عن أحمد وقول الشافعي .
- الطائفة الخامسة :خصته بالقوت ، وما يصلحه : وهذا قول مالك
* وأعتبره ابنالقيم أرجح الأقوال .
عاشراً: الأدوار والمراحل التشريعية التي مرّ بها تحريمالربا :
1- المرحلة الأولى وتتمثل في قوله تعالى :
((وما أوتيتممن ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله))
2- التحريمبالتنويه والإشارة وذلك في قوله تعالى :
((فبظلم من الذين هادواحرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عم سبيل الله))
3- تحريم جزئي :
قال تعالى ((.. يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافامضاعفة))
4- تحريم قطعي :
قال تعالى ((.. يا أيها الذين أمنوااتقوا الله وذروا ما بقي من الربا))
حادي عشر: بعض الأبيات الشعرية التيتشير إلى تحريم الربا:-
وحرم الربا للابتلاء من ثم أخفىعلة الربا
وشدد القول به تشديدا وأغلظ الوعيد والتهديدا
حربمن الله لمن لم ينته فليأذن بحربه أو ينته
وهو يجيء قيل من أبوابوعدها سبعون في الحساب
أقلها في شدة الحرام كمن أتى الأم بلاأحترام
وذو الربا مردودة أعماله لو كان قيراطا حواه ماله
إذادرى به وذاك مبطل لأنه من الكبير يجعل
ويمحق الله الرباويربي للصدقات في كلام الرب
وذلك الإ محاق أذهاب لما ينموويربوا أويزيد في النما
وفي الختام لايسعني إلا أن أشكر الفاضل المعلمة المشرفة على هذه المادة..
حيث أنني استفدت منهذا الموضوع الكثير من الأمور وخاصة التعامل مع البنوك من النواحي المادية. فالموضوع كما ذكرت فهو مهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.